متوسطة الشهيد الارقط الكيلاني
لنساهم معا من أجل أنجاح هذه الفكرة التي تعيد لنا مجد مؤسستنا بين المؤسسات الاخرى ...فهي منكم و أليكم
متوسطة الشهيد الارقط الكيلاني
لنساهم معا من أجل أنجاح هذه الفكرة التي تعيد لنا مجد مؤسستنا بين المؤسسات الاخرى ...فهي منكم و أليكم
متوسطة الشهيد الارقط الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

متوسطة الشهيد الارقط الكيلاني

يهتم بالأساتذة والتلاميذ في جميع أطوارهم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كيف نسـتثمر أوقات الفـراغ ؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
JAMEL2008

JAMEL2008


عدد المساهمات : 19
تاريخ التسجيل : 14/10/2009

كيف نسـتثمر أوقات الفـراغ   ؟ Empty
مُساهمةموضوع: كيف نسـتثمر أوقات الفـراغ ؟   كيف نسـتثمر أوقات الفـراغ   ؟ I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 18, 2009 12:28 am

كيف نسـتثمر أوقات الفـراغ   ؟ 1195683187ui1np1


كيف نسـتثمر أوقات الفـراغ ؟


كيف نستثمر أوقات فراغنا ؟

ما أن يولد الانسانُ على هذه الأرض حتّى يبدأ عدّادُ أيّامه بالعدّ التناقصيّ لعـمره ، أي أنّ كلّ يوم يمرّ من أيّام عـمره إنّما ينسلخ من روزنامة هذا العمر الذي تتساقط أوراقه ورقة فورقة ، حتّى يأتي اليوم الذي تتعرّى فيه شجرة العمر من آخر ورقة فيها .

فنحـنُ إذاً إلى تناقص ، ولسـنا إلى ازدياد ، كما يبدو في ظاهر حساباتنا ، فالساعات المحترقة من العمر هي أشبه شيء بما تذرفه الشمعة من دموع ، فما يحترق منها ينذر بقرب نهايتها حتّى تحين اللحظة التي تلفظ فيها الشمعة أنفاسها الأخيرة .



ما هو العمر ؟

هو هذا الإناء الزمنيّ الذي يحتوي أيّام حياتنا ، وبِيَدِنا لا بِيَدِ غيرنا الكيفيّة التي يُملأ فيها هذا الإناء . والناس في ذلك شتّى ، فبينَ منْ يملؤه عسلاً ، وبين مَن يملؤه سمّاً ، وبين من يخلط هذا بهذا ، وقد يتركه بعض الناس فارغاً .



هل يمكن أن يُترك إناءُ العمر فارغاً ؟

نشكُّ في ذلك ، فحتّى الأيّام الخالية من العمل ، المتصرّمة في اللهو والعبث تملأ الكأس العمريّة بآهات وحسرات وندامات في يوم أطلق عليه الله تعالى بـ «يوم الحسرة والنّدامة» . وهو يوم يُجمعُ فيه الناس بين يدي ربّ العالمين ـ منذ آدم وحتّى آخر مخلوق ـ ليحاسبهم: كيف صرفوا وتصرّفوا بالأمانة المودعة لديهم «أعمارهم» ؟!

هل قضوها بالجدّ والاجتهاد والعمل الصالح وفعل الخيرات ؟ أم بالأعمال الطالحة المسيئة والفاسدة التي تؤدّى إلى حسرات طويلة وندم أطول ؟ أم خلطوا عملاً صالحاً بآخر سيِّئاً ، فكانوا من الأخسرين أعمالاً ، كذاك التاجر الذي يكدّ العـمر كلّه ثمّ يجد نفسـه في النهاية مفلساً ؟!









(2)

أهمّية الوقت :

لو بحثنا عن خير من يقيّم لنا الوقت ، هل نجد غير صانع الوقت نفسه وهو الله سبحانه وتعالى ؟!

فهذا التقسيم الدقيق للثواني والدقائق والساعات والأيّام والأسابيع والشهور والسنوات هو أشبه شيء بألواح محروثة في حقل ، والفلاّح هو أنا وأنت ، وبقدر همّة كل فلاح يأتي المحصول ، وعند الحصاد يفرح الفلاح المجدّ النشيط، ويخسأ الفلاح الخامل البليد، ولذا جاء في الحديث: «الدُّنيا مزرعة الآخرة» ، فمن يزرع تفّاحاً يحصد تفّاحاً ، ومن يزرع بصلاً يحصد بصلاً ، ومن يزرع ورداً يجني ورداً ، ومن يزرع شوكاً يحصد شوكاً ، ومن يزرع الكسل يحصد الندامة .

إنّ الله العزيز وهو يقسم بالفجر وبالعصر وبالنهار وبالليل، إنّما ليلفت أنظارنا إلى أنّ الشيء المقسوم به هو على غاية كبرى من الأهمّية ، فهذه المفردات المتعدّدة في قياس الزمن إن هي إلاّ أوان صغيرة ضمن إناء العمر الكبير ، وقد تودّعك اللحظة التي أنت فيها فتدخل في قائمة حسابك عملاً مدخراً ، وقد تفارقك لتقرض من ذلك الحساب ، وما يدرينا فقد يأتي يوم على أحدنا يردّنا فيه صاحب المصرف خاسئين خائبين أن لا شيء البتة في دفتر حسابنا !

يومها لا يكون البدء من جديد ممكناً ، لأنّ الفرصة تكون قد فاتت بل وماتت . فهل نرضى أن نعود مفلسين تقضمنا أنياب الملامة وتنهش فينا مخالبُ الحسرة والندامة ؟ أم ترانا نعمل على أن نضيف للرصيد رصيداً آخر عملاً بشعار «إدخر قرشك الأبيض ليومك الأسود» الذي يمكن أن يكون : إدخر عملك الصالح ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم .

إنّنا لا نجد في القرآن تعبيراً عن أهمّية الوقت أبلغ من قوله تعالى :

(ومَن يَعملُ مِثـقالَ ذرّة خيراً يَرَه * ومَن يَعمل مِثقالَ ذرّة شرّاً يَرَه ). ( الزلزلة / 7 ـ 8 )

فلو تساءلنا : كم هو مثقال الذرّة في ميزان الزمن ؟ هل هو الثانية أو أدنى منها ؟ أيّاً كان حسابُها فهي وحدة قياسية غاية في الصغر ، وهذا يعني أنّ في الصغير أو القليل من الخير الذي قد لا يكترث له أحدنا ، منجاة حينما يلفّ الناس الطوفان ، وأنّ في الصغير الضئيل من الشرّ ، مهلكة حيث ينجو المحسنون .

إنّ الوقت هو نعمة الله الموهوبة للناس كلّهم ، وهو الصفحات البيضاء التي يكتبون فيها إن خيراً فخير وإن شرّاً فشرّ، وهم مسؤولون عن هذه النعمة يوم القيامة ، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتّى يُسأل عن خمس : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وماذا عمل فيما علم» . والملاحظ هنا أنّ السؤال عن العمر يتكرّر مرّتين : عن

(3)

العمر بصفة عامّة ، وعن الشباب بصفة خاصّة لما لمرحلة الشباب من أهمّية باعتبارها مرحلة البذل والعطاء .

وحين يعلم التلميذ علم اليقين أنّ سؤالاً ما سيأتي ضمن أسئلة الامتحان القادم، فإنّه حتماً سيهيِّئ نفسه للإجابة عنه ، وإلاّ عُدّ مهملاً مضيّعاً لفرصة ثمينة لا تعوّض .

السؤال ـ يوم القيامة ـ واضح وصريح وسيأتي في الامتحان لا محالة : عمرك فيما أفنيته ؟ وشبابك فيما أبليته ؟

سؤال متروك لكلّ واحد منّا الإجابة عليه .



الوقت المهدور والوقت المشحون :

لو نظر كلّ واحد منّا إلى ما يهدره من وقت ، وحاول أن يجري عملية حسابية بسيطة على الساعات الطويلة التي تذهب هدراً ، إمّا في الثرثرة الفارغة ، أو التسكّع على أرصفة الشوارع بلا هدف ، أو التجوّل أمام المحلاّت التجارية ، أو جلسات السمر التي لها بداية ولا نهاية محدّدة لها ، حيث تترك سائبة كحبل نشنق به الوقت دون أن نعلم أ نّنا نرتكب بحقّ أنفسنا جريمة العبث بأثمن ما وهبنا الله .

تأمّلوا في هذه الصور التي نعيشها وربّما بشكل يوميّ :

ـ شاب يركب سيارته أو سيارة والده وربّما يصطحب معه عدداً من الشبّان ليدوروا في الشوارع والساحات والطرق من غير وجهة محدّدة .

ـ شابّة أو شابّات يتجوّلن لساعات طويلة ـ وربّما لغير التسوّق ـ قبال واجهات المحالّ التجارية .

ـ شبّان يلعبون كرة القدم لوقت غير محدود ، وقد تنتهي اللعبَ في وقت معيّن لكنّهم يعيدون الكرة مرّة ومرّتين وربّما مرّات .

ـ شبّان يجلسون في مقهى يدخِّنون ويثرثرون ويطلقون الضحكات العالية على مَن يتناولونه بالغيبة .

ـ وهناك مَن يقف في الطابور الطويل في انتظار شراء حاجة ، أو سيارة نقل عامّة وهو يرسل نظراته البلهاء هنا وهناك ..

ـ وهناك مَن يسهرون اللّيل ، يلعبون الورق أو الشطرنج ، أو يجلسون لأمد غير محدّد أمام الحاسوب ويستخدمون الانترنت إلى درجة الإدمان ودون التفات إلى الوقت الذي يستهلكونه في هذا المجال .



(4)

هل اللّعب حرام ؟

مَنْ قال ذلك ؟

إنّ الحديث هنا ليس في حرمة أو حلّية ذلك ، فقد يكون الشيء مباحاً لكنّ الاسراف فيه قد يجعله مكروهاً أو مذموماً ، فكما أنّ الله سبحانه وتعالى خلق كلّ شيء بقدر ، فلا بدّ أن يكون لكلّ شيء في حياتنا وقت محدّد بقدر ، وإلاّ سرقتنا الاسترسالات التي يمكن أن توظّف فيما هو مهم ونافع ، وربّما فيما هو أشدّ أهمّية وأكثر نفعاً ، ولذلك قيل : «شتان بين عملين : عمل تذهب لذّته وتبقى تبعته ، وعمل تذهب مؤونته ويبقى أجره» .

جرّبوا إذاً أن تحسبوا ليوم واحد فقط أوقاتكم المهدورة وسوف تفاجئون بالنتيجة .

ونحن نطالع النتيجة المذهلة ، لنتذكّر مثلاً أنّ هناك سجناء يتمنّون أن يعودوا للحياة الحرّة ليملأوا كلّ دقيقة من دقائق حياتهم علماً وعملاً ، وما ذاك إلاّ لشعورهم بالوقت الفارغ يمضي سُدى ..

ولنتذكّر أنّ من الناس من يتمنّى أن يكون يومه أكثر من أربع وعشرين ساعة ، وأن لو استطاع أن يستقرض الوقت ممّن لا يأبهون بالوقت .

هؤلاء ـ أصحاب الوقت المشحون ـ لهم أوقات يستريحون فيها ، لكنّه الوقت الذي يجدّد النشاط لمواصلة العمل من جديد بروح أكثر إقبالاً وإبداعاً .

إنّنا يمكن أن نستفيد من هذه النظرة لنعتبر أنّ الوقت يأخذ سعته وضيقه من خلال ما نعبّؤه فيه من أعمال ، ونظرة سريعة في حياة العظماء والناجحين تكشف لنا سرّاً مهمّاً من أسرار نجاحهم وهو استثمارهم للوقت على خير وجه ، إذ يندر أن نجد عند أحدهم وقتاً مضيّعاً ، فلقد وصف مخترع المصباح الكهربائي (اديسون) بأ نّه كان لا يصبر على الوقت .. كان يلتهمه التهاماً .. كان يعمل عملاً متصلاً كأ نّما يريد أن يعمل في الساعة الواحدة ما يعمله الناس في عشر ساعات ، كان يكره أن يغيب عنه حل مشكلة عملية ، فتضيّع عليه أسبوعاً واحداً بغير جدوى .

وقد عرف عن العديد من العلماء أ نّهم كانوا لا ينامون من الليل إلاّ قليلاً بغية الاستفادة من ساعات إضافية من يومهم ، هؤلاء هم الذين يتذكّرون دائماً قول الشاعر :

دقّات قلب المرء قائلة له***إنّ الحياة دقائق وثواني

فاحفظ لنفسِك بعد موتِك ذكرها***إنّ الذكر للانسان عمر ثاني







(5)

تنظيم الوقت :

كان زيد يشتكي من ضيق وقته ، ويعجب لاُولئك الأصدقاء الذين يدرسون ويمارسون هواياتهم ويلتقون بأصدقائهم ، والوقت هو الوقت .

ذات يوم طرح هذا السؤال على بعضهم ، فقال له : الأمر بسيط .. نظّم وقتك يتّسع !

لهذا السبب قسّمت بعض الأحاديث الوقت إلى ساعات ، والساعة هنا هي الوحدة الزمنية وليست الستّين دقيقة ، أي أن يكون هناك وقت لكل عمل . ومنها ما ورد عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) : «للمؤمن ثلاث ساعات : فساعةٌ يناجي فيها ربّه ، وساعة يرمُّ فيها معاشـه ، وساعة يخلّي بين نفسه وبين لذّتها فيما يحلّ ويجمل» . وأضافت بعض الأحاديث ساعة اُخرى للقاء الاخوان الثقاة الذين يعرفوننا عيوبنا ، وعلّقت على ساعة الملذّات بالقول : وفي هذه الساعة تقدرون على تلك الساعات .

ومع أنّ هذا التقسيم يعطي لحاجات الانسان الأساسية أوقاتاً معيّنة لا يصحّ أن تُغفل أو تهمل ، إلاّ أ نّه ليس وصفة جامدة ، فقد تتعدّد احتياجات الانسان وتزيد على ذلك ، لكنّ الغاية من تقسيم الوقت تنظيمه فلا يطغى عمل على عمل ، أو يستهلك عمل الوقت كلّه فيما تبقى الأعمال الاُخرى من غير إنجاز أو نصف منجرة .

فالعمل لكسب لقمة العيش مطلوب كحاجة مادّية ، والتقرّب إلى الله بالعبادة والذكر مطلوب كحاجة روحية ، واللقاء بالاخوان مطلوب كحاجة اجتماعيـة ، وساعة الملذّات مطلوبة أيضاً كحاجة نفسـية ، ويمكن أن تكون إلى جانب هذه الساعات ساعة مهمّة اُخرى لطلب العلم كتلبية لحاجة عقلية وفكرية .

المهم أن يكون هناك توازن بين هذه الأوقات بحيث لا تستغرقنا أعمال الدّنيا فتنسينا أعمال الآخرة ، والحكيم فينا من يجعل أعماله كلّها طاعة لله سبحانه وتعالى حتّى الدنيويّ منها ، أمّا الذي يجلس إلى الحاسوب من دون أن يقرّر سلفاً الوقت الذي يجب أن يصرفه في جلسته تلك سيجد نفسه وقد مرّت الساعات وهو مسمّر مشدود إلى هذه الشاشة الصغيرة الساحرة المغرية .

والذي يفتح أبواب اللقاء مع الأصدقاء على مصراعيها سيرى أنّ الحديث يجرّ بعضه بعضاً ، وأنّ اللقاء الذي كان بالإمكان أن يتمّ في نصف ساعة استمر لساعتين أو لساعات .

إنّ تنظيم الوقت كما تعلّمناه من مواقيت الصلاة ومواعيد الصيام والإفطار وأيّام الحجّ المعدودات يقدّم لنا الفوائد التالية :

1 ـ سعة في الوقت وبركة غير معهودة سابقاً ، أي قبل التنظيم .



(6)

2 ـ يطرد عنّا التشويش والفوضى التي نعيشها في تداخل الأوقات والتقصير في بعضها .

3 ـ يمنحنا شخصية محترمة من قبل زملائنا وأصدقائنا والمحيطين بنا .

4 ـ يجعلنا نعيش حالة من الرضا النفسي والسعادة الذاتية بما أنجزنا .

5 ـ يجعلنا نتحكّم بالوقت ولا نترك الوقت ليتحكّم بنا .



برنامج عمل :

بإمكان كلّ واحد منّا أن يضع له ورقة عمل يدرج فيها برنامج عمله اليوميّ ، مع ضرورة استشعار الجديّة في الالتزام ببنود البرناج وإلاّ يصبح حبراً على ورق . إنّ هذه الطريقة تعلّمنا ما يلي :

1 ـ نظم الوقت فلا يتبعثر في الاستطرادات والنهايات السائبة والاستغراق في عمل واحد بحيث يؤثّر في النتيجة على باقي الأعمال .

2 ـ الورقة المذكورة تعمل عمل المفكرة التي تذكّرك بأنّ ثمة أعمالاً تنتظرك ، وعليك إنجازها ، وعدم تأجيلها ، لأنّ الغد سيحمل لك قائمة أعمال اُخرى جديدة ، وأي ثوان في برنامج اليوم سيزحف بتأثيره على برنامج الغد .

3 ـ يمكن إعطاء وقت ولو أوّلي لكل عمل ، وقد يبدو هذا متعذّراً لأنّ بعض الأعمال لا يمكن تقدير وقتها بالضبط والدقّة ، لكنّ ذلك مع الأيّام سيصبح عادة جميلة نعتادها ونتذوّقها .

4 ـ لا بأس من ترك وقت نصطلح عليه بـ ( الحرّ ) تحسباً للطوارئ من الاُمور غير المتوقعة .

ولمّا كانت مسـؤوليتنا ـ كمسلمين ـ غير منحصرة في أعمالنا الدنيوية ، فإنّ برنامجنا الاسلاميّ الذي لا يعدّ ـ كما ألمحنا ـ برنامجاً منفصلاً عن برنامجنا المعتاد إلاّ في بعض الفرائض ، يمكن أن ينظّم على النحو التالي الذي ذكرهُ أحد الأدعية :

«... ووفّقنا في يومنا هذا ، وليلتنا هذه ، وفي جميع أيّامنا لاستعمال الخير وهجران الشرّ ، وشكر النعم ، واتباع السنن ، ومجانبة البِدع ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وحياطة الإسلام ، وانتقاص الباطل وإذلاله ، ونصرة الحقّ وإعزازه ، وإرشاد الضالّ ، ومعاونة الضعيف ، وإدراك اللهيف» .



(7)

ورغم أنّ هذا البرنامج حافل بالأعمال الصالحات ونبذ السيِّئات ، لكنّه ليس بالضرورة أن يكون برنامج عمل ليوم واحد، إنّه يوم اسلاميّ مثالي أو نموذجيّ يحتاج إلى همّة وعمل منّا وتوفيق وتسديد من الله تبارك وتعالى .

ويمكن تقسيم هذا البرنامج إلى جانبين : إيجابي وسلبي .



أوّلاً : الإيجابي (ويتضمّن النقاط والمفردات التالية) :

1 ـ (استعمال الخير) : بأن لا يكون مجرّد نزعة عاطفية ميّالة للعمل ، وإنّما يتحوّل إلى عمل يدرّ بنفعه على الآخرين .

2 ـ (شكر النعم) : بمقابلة الإحسان بالإحسان ، والجميل بالجميل ، والمعروف بالمعروف ، فمن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق ، وأفضل الشكر العملي : (اعملوا آل داود شكرا ) ( سبأ / 13 ) .

3 ـ (اتباع السنن) : لأنّ هذا هو الصراط المستقيم الذي جاء به النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) : (قُل إن كُنتُم تحبّون اللهَ فاتّبعوني يُحببكم الله )( آل عمران / 31 ) .

4 ـ (الأمر بالمعروف) : لأ نّه السبيل إلى زيادة رقعة المعروف وانتشار الصلاح والخير في المجتمع ممّا ينعكس إيجاباً على سعادته وقوّته وصلاحه .

5 ـ (حياطة الإسلام) : بأن نذبّ عنه وندافع ونحامي عمّا جاء به ، لأ نّه رمز عزّتنا ، وصلاح أمرنا ، وديننا الذي يمثِّل وجودنا وهويّتنا .

6 ـ (نصرة الحقّ وإعزازه) : إعزازه إن كان سائداً بحيث نشيعه في الأرجاء أكثر فأكثر ، ونصرته إذا تهدّده باطل .

7 ـ (إرشاد الضّالّ) : بهدايته بمختلف أساليب الهداية إن كان ضلّ عن الطريق السويّ المستقيم ، وإبلاغه مأمنه إن كان ضلّ طريقه إلى مقصده .

8 ـ (معاونة الضّعيف) : بما وهبنا الله تعالى من قوّة في مال أو جاه أو علم ، ذلك أنّ من مقتضيات التصديق بالدين هو تقديم المعونة لمن يحتاجها : (فَويلٌ للمصلِّين * الّذينَ هُم عن صلاتِهِم ساهون * الّذينَ هُم يُراءون * ويَمنعونَ الماعون ) ( الماعون / 4 ـ 7 ) .

9 ـ (إدراك اللّهيف) : وهو صاحب الحاجة الذي يشبه الأعمى لا يرى إلاّ قضاءها ، فتردّ لهفته بقضاء حاجته .



ثانياً : السلبي (ويتضمّن المفردات التالية) :

1 ـ (هجران الشرّ) : فترك الشرّ إفساح في المجال للخير أن ينتشر ويعمّ ويشيع ، ونضيِّق على الشرّ لكى يتقلّص وينحسر .

(Cool

2 ـ (مجانبة البدع) : لأنّ البدع بما هي إدخال ما ليس في الدين بالدين مسخٌ للتعاليم الإلهيّة والسنّة النبويّة وتحريف لها، وحشر ما لم يقله الله ورسوله في الدين والدين منها براء .

3 ـ (النهي عن المنكر) : بأيّة وسيلة سواء كانت يدأ أو لساناً أو قلباً حتّى لا يشعر أهله بالقوّة فيبسطوا منكراتهم على الناس ، ومثله انتقاص الباطل وإذلاله ليحشر في الزاوية الضيِّقة .

إنّ الملاحظ على هذا البرنامج بشقّيه ، الإيجابي والسلبي ، أ نّه يوجد حالة من التوازن في حركة الشبّان المسلمين ، هادمة للمساوئ وبانية للخيرات ، ولذا جاء في وصف المؤمن «الخير منه مأمول والشرّ منه مأمون» .



أوقات الفراغ :

نسأل أوّلاً هذا السؤال : هل هناك شيء إسمه وقت الفراغ ؟

نستطيع أن نقول : لا ، لأنّ الانسان حينما يفرغ من عمل ما ، فإنّه سينشغل بعمل آخر ربّما أقلّ أهمّية ، وربّما أكثر أهمّية ، فحتّى اللعب هو لون من ألوان العمل غير المنتج ، وقد يكون منتجاً في مردوده النفسيّ على اللاّعب .

وعلى أيّة حال ، فإنّ الاسلام ـ كما مرّ ـ يعطي للانسان الساعة التي يروّح فيها عن نفسه وعن أهله ويمارس فيها ملذّاته ، بل يعطي لهذه الساعة قيمة وأهمّية كبيرة لأ نّها المعينة على ساعات العمل والعبادة .

لكنّ الفراغ الذي نتحدّث عنه هو ليس هذا ، إنّما هو الوقت الضائع المضيّع ، أي الوقت الذي يتهاون فيه الشاب أو الشابّة في مسؤولياتهما الحياتية والرسالية ، فيعشيان حالة من الوقت العابث السلبي العاطل غير النافع .

وغالباً ما يقع الفراغ حينما نبعثر أوقاتنا ونتركها رهن الفوضى ، وعندما نجهل قيمة الوقت في أ نّه يمكن أن يكون فرصة لطلب العلم ، أو فرصة لتعلّم مهارة جديدة ، أو فرصة لتصحيح مفاهيم خاطئة ، أو فرصة لنفع عباد الله، أو فرصة لقضاء حاجة مؤمن ، أو فرصة للاطِّلاع على قضايا عالمنا الاسلاميّ ، أو فرصة لتنمية ما اكتسبناه من معارف سابقة ، أو فرصة للتعرّف على أخ في الله جديد ، أو فرصة لتوطيد علاقة قديمة مع صديق ، وهكذا ، حتّى لقد اعتُبر الوقت غير المستثمر خارج نطاق العمر ، ذلك أنّ العمر الحقيقي هو عمر المزرعة الذي ورد في الحديث، فهل عاقل من لديه أرض واسعة وصالحة للزراعة ويتركها بوراً ؟!



(9)

يقول أحد العلماء : إنّني أقرأ كثيراً فإذا ما تعبت من القراءة فإنّني أستريح بالقراءة ، وقد فسّر ذلك بقوله : إنّني أميل لقراءة الكتب العلمية الدسمة ، لكنّني حين أتعب من قراءتها ألتجأ إلى قراءة الكتب الأدبية أو التأريخية لأتخفّف من تعب القراءة العلمية .

أنظر إلى من حولك .. ألا تحترم ذاك الذي يقف في انتظار دوره أمام دكّان ، أو بانتظار الحافلة ، أو عند الطبيب وتراه حاملاً كتابه يقرأ فيه ؟!

ألا تحترم من يستذكر في أثناء طريقه قصيدة حفظها ، أو سورة من القرآن لا يريد أن ينساها ، أو يردّد بعض الأذكار التي تزيد من ارتباطه بالله سبحانه وتعالى ؟!

ألا تكنّ الاحترام والتقدير لمن يحمل في جيبه دفتراً صغيراً يدوّن فيه حكمة قرأها في صحيفة ، أو معلومة حصل عليها بالصدفة ، أو رقماً مهمّاً عثر عليه هنا أو هناك يعينه في الاستشهاد به والتدليل على ما يقوله، أو يسجِّل فكرة طرأت على ذهنه ويحاذر أن تفوته أو ينساها ؟

إنّ أجهزة الهاتف التي تُلحق بها مسجّلة لاستلام الرسائل الصوتية ، ومفكّرات الحائط التي توضع عند أبواب بعض المنازل يسجّل عليها الزائر ملاحظاته حينما لا يجد صاحب المنزل ، دليل على اهتمام صاحبها بما يجري في غيابه .

وإنّ الذي يطالع الصحف يومياً ويتابع نشرات الأخبار يومياً ، ويزور هذا الموقع على شبكة المعلومات (الانترنيت) أو ذاك ليتعرّف على ما يجري من حوله في عالم متغيّر ، هو إنسان حريص على أن لا يلقي وقته كورقة مهملة في سلّة المهملات ، إنّه يشعر بالانقطاع عن العالم إذا لم يواكب حركة العالم ، ولو حصل وانقطعت متابعته لشعر بالغربة أو بالوحشة أو بفقدان شيء ثمين .

لقد اكتشف أبناء إحدى القرى الاميركية إمرأة اُمّية تعلّمت القراءة والكتابة في وقت متأخر وبدون معلِّم.. وحينما سئلت قالت : لقد شعرت بوقت ثمين جدّاً ضاع منِّي فحاولت تعويضه ، ولذا كنت أسترق السمع والنظر إلى ابنتي الصغيرة وكنت ألتهم معها كلّ دروسها !

لذا ينبغي أن نسقط العبارات التالية من قاموس حياتنا :

ـ لقد فاتني القطار !

ـ لم يعد في العمر متسع .. لقد شخت وتعذّر القيام بذلك .

ـ ما فائدة العمل الآن .. لقد ضاعت فرص كثيرة .. إنّ الحظّ يعاكسني دائماً .

ـ لقد سبقني إلى ذلك كثيرون .. لم يعد لي مكان .

ـ جرّبت وفشلت لا داعي لتكرار التجربة .. إلخ .

علينا أن نستبدل تلك العبارات بالعبارة التالية : هناك دائماً وقت للعمل قبل الموت .

(10)

أمّا مقولة «تعويض الوقت الضائع» فهي غير دقيقة، فالوقت الضائع لا يعوّض ، والأداء غير القضاء ، والتمنّي أن يعود الشباب بعدما ترحل أيّامه أمنية كاذبة يردّدها الشعراء ولا إمكانية لتحققها في الواقع ، وما فات مات ، ولكن يمكن للشاب أو الشابّة أن يتفاديا المزيد من التقصير، والمزيد من التضييع بأن يعضّا بأسنانهما على المتبقِّي من الأوقات فلا يدعانها نهبَ اللهو والعبث والاسترخاء العاطل .

لقد ثبت بالتجربة أنّ الكسل والبطالة والفراغ عوامل داعية للانحراف والفساد ، وفي ذلك يقول الشاعر :

إنّ الشباب والفراغ والجدة***مفسدة للمرء أيّ مفسـدة

وينبغي بعد ذلك أن نفرِّق بين فراغ لا فائدة فيه ، وتفرّغ للمراجعة والنقد الذاتي والخلوة مع النفس ، أو أخذ إجازة لتجديد النشاط ، فهذا من العمل وليس من الفراغ ، وهو شيء محبّب ومطلوب لأ نّه من الأوقات التي تدرّ على الأوقات الاُخرى خيراً كثيراً .



استثمار أوقات الفراغ :

إذا كان وقت الفراغ ـ كما يعرّفه بعض المهتمين ـ هو الوقت الحرّ الذي لا يرتبط بضرورة أداء واجب معيّن ، والذي يتحرّر فيه الانسان من التزامات وضرورات الحياة ، وتكون له حرّية قضائه كيفما يريد ويرغب ، فإنّ ذلك يشمل بالنسبة للطلبة والشبّان فترات العطل الصيفيّة والشتوية والاسبوعية ، والإجازات والأوقات الخارجـة عن الدوام الرسمي ، بالإضافة إلى ما يوفّره عصر الآلة والتنفنيات الحديثة من أوقات فراغ .

هذه بعض المقترحات التي نضعها بين يدي شبابنا وشاباتنا في بعض وسائل استثمار أوقات الفراغ ، نأمل أن يجدوا فيها عوناً على تلك الساعات التي تسمّى بالخالية .



1 ـ القراءة :

مهما قيل في أنّ أهمّية الكتاب قد تراجعت خلال العقدين الماضيين في قبال المنافسات الاُخرى (كالمذياع والتلفاز والصحف والحاسوب وشبكة المعلوماتية) إلاّ أنّ الكـتاب ما زال وسيبقى محتفظاً بقيمـته للأسباب التالية :

1 ـ اعتماد تلك المنافسـات عليه ، فالكثـير من البرامج الناجحـة والمواد التحقيقية إنّما تستمد معلوماتها من الكتب ذاتها .

2 ـ القدرة على التحكّم بالكتاب انتقاء واستعارة واستنساخاً ، حيث يمكن لذوق القارئ وميله وحاجته أن تتحكّم في نوع الكتاب المطلوب ، وفي أيّ وقت وأيّ مكان وبأيّة كيفيّة .



(11)

3 ـ الرجوع إلى الكتاب لغرض الكتابة ، فما دام هناك بحوث ودراسات فالمصادر والمراجع لا تسقط يوماً ما ، حتّى أ نّنا نلاحظ أنّ العديد من الأقراص الليزرية هي في واقعها كتب مؤرشفة .

ولمّا كانت للكتاب كلّ هذه القيمة وهذه الأهمّية التي انحسرت تحديداً في أوساط الطلبة والشبّان لدرجة الانصراف عنها إلى غيرها ، كان من حقّ الشاعر أن يقول :

أنا من بدّل بالكتب الصحابا***لم أجد صاحباً إلاّ الكتابا

ولا يخفى أنّ ما نجنيه من متعة القراءة وفائدتها لا تقدّر حقّ قدرها إلاّ من قبل اُولئك القرّاء الذين عشقوا الكتاب وأقاموا معه صحبة طويلة . وإذا كنّا نفتقد هذا بسبب الانبهار بالطروحات والمنافسات التي مرّ ذكرها ، فإنّ من بين أفضل الطرق لملء الفراغ هي القراءة المنوّعة والجادّة ، وثمة ملاحظات يمكن الافادة منها في تعميق فائدة القراءة :

1 ـ لنقرأ ما يلبي حاجـتنا الفكـرية والروحية والنفسـية ، وأن لا نكره أنفسـنا على القراءة لأنّ ذلك يشبه إكراه النفس على الطعام ، كما لا يصح أن نهجر الكتاب بحجّة عدم الاقبال على قراءة الكتب ، فإنّ القطيعة إذا حصلت يصعب ردمها .

2 ـ احمل قلمك معك حينما تقرأ لتحتفظ ببعض الأفكار والآراء لحين الحاجة ، ويمكن أن تضع خطوطاً تحت الأفكار المهمّة ، أو بتمييزها بواسطة قلم فسفوري حتّى يسهل مراجعتها دون الحاجة إلى قراءة الكتاب كلّه .

3 ـ إنّ القراءة قد تفقّس لديك أفكاراً غير مطروحة في الكتاب فلا تضيّعها .. دوّن على الفور فقد تنفعك في مشروع فكري أو ثقافي أو أدبي .

4 ـ يمكن ـ في حالة أفضل ـ اعتماد بطاقات البحث في تدوين المعلومات مع ذكر اسم المرجع الذي اقتبست منه واسم مؤلفه وتأريخه والجهة التي أصدرته مع ذكر رقم الصفحة .

غير أنّ القراءة لاتشمل الكتب فحسب بل قراءة الصحف والمجلاّت والدوريات ممّا تعرضـه الأكشاك يومـياً ، وممّا يقدِّم المادّة الخبرية والمعلوماتية في شؤون وحقول الحياة المختلفة ممّا لا يستغني عنه شاب أو شابّة يريدان أن يعيشا عصرهما، وقد ورد في الحديث «العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس» .

ويمكن إلحاق الكـتابة بالقراءة على اعتبار أ نّها ثمرة من ثمارها ، ففي أوقات الفراغ يمكن للشاب أو الشابّة أن يمارسا هوايتهما في الكتابة سواء في المقالة أو القصّة أو الشعر وما إلى ذلك .. لنكتب ونعرض ما نكتب على أهل الخبرة ونعمل على الأخذ بملاحظاتهم فذاك سبيل من سبل تطوير موهبة الكتابة لدينا .



(12)

2 ـ حضور المحاضرات والندوات :

ومن بين الطرق النافعة في تعبئة الفراغ أن نحيط علماً بالمواسم والبرامج الاُسبوعية الثقافية والعلمية والأمسيات الأدبية وما يقدّم من محاضرات وندوات يمكن أن تثري معرفتنا وتنمّي لدينا قابلية الحوار والنقد والتعرّف على الآراء المتعددة .

أمّا إذا تمكّنا من المساهمة في مداخلة أو طرح سؤال على المحاضر أو المشاركين في الندوة فإنّنا سنستفيد ونفيد أيضاً ، ففي الحديث «ثلاثة يؤجرون : السائل والمسؤول والمستمع لهما» . وبذلك تنمو وتزدهر شخصيتنا الاجتماعية والثقافية .

إنّ مراقبتنا لأسلوب الطرح وأسلوب الحوار والمداخلات وتوجيه الأسئلة يعلّمنا أدب الحوار والالتفات إلى النقاط التي تثار لمزيد من النقاش وكيفيّة بحث موضوع أو مشكلة .

ويمكن أن نصطحب معنا مفكرتنا لتدوين أبرز الأفكار التي تطرح في المحاضرة أو الندوة لتكون مادّة ثقافية مدخرة نستعين بها في وقت الحاجة .

كما يمكن أن نتعرّف من خلال هذه اللقاءات على عدد من المثقفين والأدباء والشخصيات المشاركة في مثل هذه الفعاليات الثقافية والفكرية والأدبية .



3 ـ الاستماع والمشاهدة :

وسائل الاعلام الأربع (المذياع والتلفاز والسينما والمسرح) ليست وسائل لهو وتسلية بل هي أدوات تثقيف أيضاً ، وقد يكون التثقيف فيها مقصوداً وقد يكون غير مقصود ، أي أ نّه يأتي بالضمن والسياق ممّا ينبغي أن نحدسه أو نشخّصه من حال المادّة المسموعة أو المرئية .

فما يعرض في هذه الوسائل من مواد محلية واُخرى مستوردة ليس كلّه صالحاً للاستماع والمشاهدة ، ففيه الغثّ وفيه السمين ، وفيه النافع وفيه الضارّ ، وفيه القيّم وفيه التافه ، وفيه النقيّ النظيف وفيه الذي يدسّ السمّ في العسل .

وإزاء هذه الإزدواجية في هذه الأسلحة ذات الحدّين لا بدّ من أن نمتلك حاسّة نقدية مدرّبة قادرة على فرز الخطأ من الصحيح ، والسليم من السقيم ، وإلاّ فسنكون من ضحايا مخطط إعلامي قد لا نستشعر خيوطه وخطوطه التي تشرف عليها أجهزة تخصّصية ووكالات وشبكات مغرضة وهادفة فيما تصرح وتبثّ ، فلا تعجب إذا عرفنا أنّ هناك علماء نفس واجتماع وتربية ودعاية وإعلام يقدّمـون لنا بضاعتهم المسموعة أو المرئيـة مغلّفة بأوراق جمـيلة لكنّها بضائع غير صالحة في سوق المسلمين ، فكثيراً ما يستهدفون غزونا في عقر دارنا لأنّ الحواجز ـ بتطور هذه الوسائل وتقدّمها ـ قد ذابت فصارت المادة الاعلامية تدخل كل بيت بدون استئذان ، وصرنا نرحّب بها دون خوف أو ريبة .

(13)

إنّ هذه الأجهزة التي قفزت قفزات سريعة وهائلة فأصبحت فضائيات وأشرطة فديو وكاسـيتات وأقراصاً خفيفة الحمل والسعر ثقيلة في الطرح والأعباء، لايتحكّم بها جهاز السيطرة (الرموت كنترول) فقط ، بل لا بدّ من أن تتحكّم بها أذواقنا وتربيتنا وخلفياتنا الثقافية والاجتماعية والدينية التي لا تبيح مشاهدة الأفلام الفاجرة والخليعة والمبتذلة التي لا تخاطب من الانسان سوى غريزته الجنسية أو العنفية أو المادية ، بل تتعمّد إفساد الأخلاق وتشويه المفاهيم وقلب القيم رأساً على عقب .

ولمّا كانت هذه الأجهزة سلاحاً ذا حدّين ، أي أ نّها تحمل الشرّ والخير في داخلها من خلال ما يُبثّ ويُطرح فيها ، كان لا بدّ من الافادة من خيراتها وتجنّب شرورها في عملية انتقاء مدروس ، أي بدلاً من أن نتركها تسيطر علينا ، لا بدّ من أن نفكِّر في السيطرة عليها ما أمكننا ذلك .

فمثَلُ عملية ملء الفراغ الوقتي مثل عملية ملء الفراغ المعوي ، فهل يصحّ أن نُدخل كلّ شيء إلى معدتنا من أجل أن نسدّ جوعنا حتّى ولو كان ملوّثاً وسامّاً وخطيراً يهدِّد صحّتنا وسلامتنا بالدمار ؟!

من هنا يتعيّن علينا كمشاهدين ومستمعين أن نحتفظ ـ بقدر ما نستطيع ـ بخصوصيتنا وهويّتنا والتزامنا الديني والثقافي ونحن نسمع ما نسمع ونشاهد ما نشاهد ، ونحاكم تلك المسموعات والمرئيات على ضوء ما نحمله من فكر وثقافة وتربية وتجربة ، وإلاّ فسنتحوّل إلى أسرى لهذه الأجهزة التي تقودنا إلى المزالق الخطرة .

كما أنّ الجلوس المستسلم لساعات طويلة أمام التلفاز يبعث على الخدر واستهلاك الوقت بما يسبب الاختلال في مفردات البرنامج اليومي الاُخرى ، وربّما يؤدّي إلى شلل التفكير أو تقلّصه ، ولذا يستحسن أن يقنّن كلّ واحد منّا ساعات مشاهدته بأسلوب انتقائي هادف .

لقد أكّد علماء النفس أنّ التلفاز ـ في حدّ ذاته ـ لا يخلق مشكلات العدوان والانحراف ، وإنّما يخلقها سوء التربية من قبل الأهل والأقارب والأصدقاء ، فالأطفال والشبّان العدوانيون يختارون برامج عدوانية ، أي ما يدعم اتّجاهاتهم السابقة ، والتلفاز يأتي كمعاون على الانحراف والعنف والتميّع .

ورغم الفـوائد الكثيرة لهذه الأجهزة التي تلتقي كثيراً مع بعضها البعض، درس بعض الباحثين منافع وأضرار التلفاز على سبيل المثال ، ومن بين الأضرار التي شخّصها :

1 ـ قتل الوقت وإضاعة العمر وإشغال الفرد والاُمّة عن أداء واجبات مهمّة .

2 ـ نقل أخلاق البيئات الشاذّة والمنحرفة إلى مجتمعنا ، وفرض نماذج أخلاقية سيِّئة وهابطة على الناس .

(14)

3 ـ بناء ثقافة مشوّهة في عقول الناشئة وإظهار الفاسقين في موقع الصدارة من المجتمع .

4 ـ تشويه قضايا المسلمين المعاصرة ، وهدم الحواجز بيننا وبين أعداء اُمّتنا من الصهاينة اليهود .

إلاّ أ نّنا لا نعدم برامج تلفازية أو إذاعية علمية وثقافية وسياسية وأدبية واجتماعية واقتصادية وصحِّية نافعة ، خاصّة تلك التي تطرح المشكلات والهموم التي يعاني منها مجتمعنا والتي تناقش مع المختصين والمعنيين والخبراء .



4 ـ الحاسوب وشبكة المعلومات :

حينما ظهر الحاسوب (الكومبيوتر) إلى الوجود لم يملأ أوقات فراغ الشبّان فحسب ، بل استغرق أوقاتهم حتّى لم يعد له شريك أو منافس ، فلقد فاق ما قبله من وسائل اللّهو والتسلية . والحاسوب شأنه شأن الوسائل الاُخرى يمكن أن يوظّف فيما ينفع الناس ويمكن أن يتحوّل إلى أداة إفساد وتخريب .

لكنّ من الظلم لهذا الاختراع الباهر الحيويّ المتعدّد الوظائف أن يختزل فيصبح مجرد أداة لهو على الرغم ممّا فيه من مجالات استخدام كثيرة جداً وهي آخذة بالازدياد بشكل مذهل . فهناك برامج معدّة لتعليم المحاسبة وادارة الأعمال ومبادئ قيادة السيارة ، وتعلّم قواعد لغة معينة ، اضافة إلى العديد من الخدمات التي لا مجال لذكرها كما في مجال الطباعة والخط والتصميم والإخراج والتصوير ، وغيرها ، والمجال أوسع بكثير في شبكة (الانترنيت) في محتوياتها العلمية والاعلامية والسياسية والحضارية ومختلف جوانب الحياة .

إنّ الشاشة الزرقاء بما تربي الفرد باكسابه درجات عالية من المرونة وسرعة التفكير وقابلية التنقّل الواسع : الجغرافي والفكري والاجتماعي وتنمية التفكير الايجابي ، وتعميق مفهوم المشاركة ، وعدم القبول بالمسلّمات والاقناع السلبي وعدم الاستسلام للبساطة ، هي نعمة وفي نفس الوقت نقمة ، وبيدنا أن نستفيد من هذه النعمة على خير وجه ، أو نبتلي بنقمتها خاصّة وأنّ الألعاب المستوردة قد تحمل في طياتها معلومات وأخلاقاً تختلف عن أخلاقنا وعاداتنا كمسلمين .

فلا بدّ من رقابة مركزية وذاتيـة في ضبط الشرائط التي يجب أن تتوافر في هذه الألعاب ومنها : أن تحمل طابعاً إنسانياً ، وأن تكون ذات قيمة علمية عالية وليست للتسلية فقط ، وأن تكون متنوعة ، وأن لا تخلق عداءً بين اللاّعبين ، وأن لا تتناقض مع تعاليم ديننا وأخلاقنا وعاداتنا .



(15)

لكن الجلوس الطويل إلى هذا الجهاز الشديد الاغراء باتَ يفوق في ساعاته المفتوحة والممتدة الجلوس إلى التلفاز ، ممّا حدا ببعض الدول كما في السويد إلى تحديد سنّ السماح باستخدام هذه الألعاب ، لاقتناعها بضرورة عدم تعريـف الفتـيان بإغراءات هـذه الألعـاب خوفاً على مستقبلهم الدرسي، كما حدّد الوقت الذي يسمح فيه باستخدام الحاسوب لغرض التسلية .

إنّ الإدمان على استخدام الحاسوب كأداة للتسلية لا يقلّ ضرراً عن هدر معظم الوقت في لعبة كرة القدم الشهيرة ، أو الاستغراق في مشاهدة الفديو أو التلفاز ، فمن بين مخاطر هذا الاختراع الذي بات أحد أفراد أسرنا ، هو تقلّص دائرة الأصدقاء أو العلاقات الاجتماعية لشعور الشبّان والشابّات أنّ هذا يحقّق لهم الاسغناء عن ذلك ويجعلهم يبتعدون عن واقع المجتمع والناس .

فحتّى المواقع الحوارية في شبكة الانترنيت (المعلوماتية) لا يمكن أن تحقّق الفوائد والعوائد الطيبة التي نجنيها من اللقاءات الإخوانية المباشرة في التزاور الحيّ وجهاً لوجه ، والذي يعرّفنا الكثير ممّا لا نقدر معرفته من خلال الشاشة التي قد تنقل بعض المشاعر والانفعالات لكنّها لا تستطيع بحال أن تكون بديلاً كاملاً عن اللقاء المباشر بكل ما ينطوي عليه من دفء المشاعر وحيويّة اللقاء والتواصل الحميم والتعرّف على الآخر عن كثب .

وكما أنّ الأقراص الممغنطة ـ عدا أهمّيتها ـ سوف لن تعوّض عن الكتاب رفيقنا في كل مكان (البيت والمدرسة والسيّارة والطائرة والباخرة ... إلخ) فكذلك التزاور الشخصي في مواقع الشبكة سوف لن يكون بديلاً تامّاً عن التزاور الإخـواني المباشر مهما أضفى عليه منتجـوه ومروّجوه من خدمات ومواصفات سحرية مغرية .



5 ـ تعلّم المهارات :

من الاُمور التي أصبحت متاحة وفي متناول الكثير من الشبّان والشابّات هي هذه المعاهد التعليمية والفنّية والحرفية التي تقدِّم دروساً عملية في مهارات السـياقة والبرمجة والنجارة والحدادة والكهرباء والأشغال اليدوية كالخياطة والأعمال المنزلية والاسعافات الأوّلية وتعلّم لغة أجنبية وغيرها كثير ممّا يؤهل الشبّان والشابّات لحياة أفضل ويشكّل توظيفاً سليماً لأوقات الفراغ لا سيما في أثناء العطل الصيفية، فتعلّم واحدة أو أكثر من هذه المهارات لايشغل الوقت فحسب بل يصبّ بفائدته العملية على شخصية الشاب أو الشابّة اللّذين سيحصلان على معرفة أولية بمهنة أو بحرفة قد تعينهما في الحاضر وفي المستقبل ، ذلك أ نّها أصبحت من الامتيازات وأسس التفاضل التي تحسب لصالح المتقدم لاشغال وظيفة أو مهنة معيّنة خصوصاً في حال وجود منافسـة ، وفي الحديث «قيمة كلّ امرئ ما يحسنه» .

(16)

كما أنّ الخبرة في هذه الحقول تنفع الشاب أو الشابّة حتّى خارج دائرة الاختصاص، فاللّغة الأجنبية مثلاً نافعة في الحوار مع الأجانب ، وفي قراءة كتب بهذه اللغة أو المراسلة بها، وفي قراءة النشرات الداخلية للأدوية أو تلك الخاصّة بتشغيل الأجهزة وغير ذلك .

إلاّ أنّ من بين أفضل وأشرف المهارات أن يتعلّم الشاب المسلم والشابّة المسلمة قراءة القرآن تلاوة وتجويداً وحفظاً لجزء أو أجزاء أو كلّ الكتاب الكريم ، وإذا لم تكن هناك دور لتعليم وتحفيظ القرآن ، فهناك أشرطة التسجيل أو الأقراص الليزرية التي يمكن تكون بمثابة المعلم الذي يعلمك اُصول القراءة والتجويد ، ولقد نبغ قرّاء للقرآن من أبناء الاسلام وبناته ممّن اعتمدوا هذه الطريقة في حفظ القرآن بكامله .

ويبقى أن نعرف أنّ أيّة مهارة مكتسبة تحتاج إلى تمرين ومواصلة حتّى تنضج وتكتمل ، ولذا قيل في بعض الأمثال «التمرين يؤدِّي إلى الكمال» .



6 ـ وسائل الترويح والترفيه :

منذ وقت بعيد قال عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) : «إنّ القلوب تملّ كما تملّ الأبدان فتخيّروا لها طرائف الحكمة» . والطريف هو الجديد ، ذلك أنّ لكلّ جديد لذّة ونكهة خاصّة ومحرِّكاً على إدامة العمل بنشاط أكبر، وأنّ الاُسلوب الرتيب ربّما يجرّ على النفس السأم والملل والنفور .

أمّا جرّبت ذلك شخصياً ؟ حينما تغيّر الطريق الذي تمشي فيه كلّ يوم إلى معهدك أو مركز عملك ، أو عندما تغيّر ديكور الغرفة التي تسكن فيها ولو بلمسات فنّية بسيطة كأن تغيّر مواضع بعض قطع الأثاث ، بل حتّى حين تغيّر ملابسك ألا تشعر بفارق نفسي حتّى لو لم يكن اللباس ثميناً ، فقد تكون البساطة هي الفن وهي الذوق .

وينقل عن علي (عليه السلام) أيضاً قوله : «روّحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإنّ القلب إذا أكره عمي» . وهو في هذا الطرح إنّما يقدّم لنا أسلوباً عصرياً من أساليب الترويح الذي راحت تعـتمده ليس المدارس والمعاهد فحسب وإنّما حتّى بعض المعامل والمصانع والمكاتب ، لأنّ التجارب أثبتت أنّ العامل الذي يروّح عن نفسه بأسلوب وبآخر أثناء العمل سوف يُقبل على العمل بنفسية منفتحة منشرحة تنعكس على نوعية وكمّية إنتاجه بل وعلى علاقاته بزملائه في محيط العمل أيضاً .

وبما أنّ الاسلام يوازن بين حاجات الانسان ، فإنّه لم يلغ هذه الحاجة الانسـانية في أن يعطي أحـدنا شيئاً من وقته للترويح الذي تعدّدت أساليبه وتنوّعت ، والتي يمكن أن نذكر منها :



(17)

أ ـ الترويح الرياضي : وشـعبه وألوانه كثيرة وفي ازدياد أشهرها كرة القدم ، وهو ترويج نافع في الصحّة النفسية والاجتماعية والجسدية ، ومثله السباحة .

ب ـ الترويح الفـنِّي : كممارسـة هواية الرسـم والخطّ والنقش والتخريم والأشـغال اليدوية من حياكة وتطريز وصناعة الورود وتزيين البيوت وهوايات الجمع كجمع الطوابع .

ج ـ الترويح الاجتماعي : ومن أساليبه التزاور الذي حثّ الاسلام عليه كثيراً، ومنه المراسلة والمهاتفة وإحياء المناسبات الجميلة والمشاركة في فعاليات تعاونية بغية توطيد الأواصر بين الاخوة المؤمنين ، تضاف إليها الرحلات القصيرة والطويلة ممّا يزيل الكثير من حالات الارهاق الجسدي والنفسي والخمول الفكري .

د ـ الترويح السياحي : ويشمل زيارات المراقد والعتبات المقدّسة، والمناطق الأثرية والتأريخـية والسـياحية الجميلة لما يعطي فائدتين : نفسية وثقافية .

إنّ الترويح ـ أيّاً كان شكله ـ ليس هروباً من ضغوطات الحياة كما يصوّره البعض ، إنّما هو اسـتعداد وتأهّب لمواجهتها من جديد ، وليس هو كما يصفه آخرون ، تصريفاً للطاقة الزائدة فيما ليس له هدف ، إنّما هو توظيف نافع وسليم لتلك الطاقة سواء على مستوى الفرد أو على مستوى الجماعة .

ومن شرائط الترويج الذي يشجّع الاسلام عليه :

1 ـ أن يكون خالياً من المفاسد والمضارّ والباطل والحرمة .

2 ـ أن يخلو من الإسفاف والإسراف والاستغراق الذي يستهلك الوقت بأجمعه . كما يستحبّ أن ينشأ عن الترويح أو أي استثمار لوقت الفراغ نفع خاص أو عامّ ، لأ نّه يكره للشاب أو الشابّة أن يكونا فارغين لا في عمل الدّنيا ولا في عمل الآخرة .

ذات صيف قائظ ، وفي المدينة المنوّرة ، أراد أحد الذين يكيدون بالاسلام وبأئمّته أن ينال من محمّد الباقر (عليه السلام) (حفيد الإمام الحسين ابن علي (عليه السلام) ) حينما رآه خارجاً في حرّ الظهيرة اللاّهب ليعمل في حقله ، فقال له : شيخ من أشياخ قريش «في مثل هذه الساعة في طلب الدّنيا، ماذا لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال؟» فأجابه الباقر (عليه السلام)بما يعطينا درساً ثميناً كشبّان : «أما والله لو جاءني الموتُ وأنا في هذه الحال لجاءني وأنا في طاعة من طاعات الله» !!









(18)

النوم والسهر :

لا شكّ أنّ النوم حاجة طبيعية بالنسبة للانسان ، فلقد منحنا الله سبحانه هذه النعمة الكريمة في الخلود إلى الراحة والنوم خلال ساعات الليل حتّى نجدد حيويتنا ونشاطنا بعدما تكون مشاق وأعمال النهار قد أرهقتنا . لولا النوم لأهلكتنا دوّامة العمل في الليل وفي النهار . ولذا يمكن اعتبار النوم وسـيلة من وسائل الترويح عن النفس والجسد خاصّة بالنسبة للمتعبين المجهدين في نهارهم .

غير أنّ الملاحظ على بعض الشبّان والشابّات أ نّهم قد يسيئون ـ غير عامدين أحياناً ـ إلى هذه النعمة فتراهم يسهرون الليل وينامون إلى ساعة متأخرة من النهار بحجّة الفراغ ، أو أنّ السهر يحلو في الليالي فيذبحون الوقت بالأحاديث التي يغلب عليها طابع الثرثرة الفارغة . وقد ورد في بعض الأحاديث «إنّ الله يكره الشابّ النوّام» الذي يكثر النوم لساعات طويلة تتعدّى حاجة الانسان الطبيعية .

ففي الوقت الذي نرى بعض الحريصين على الاستفادة من أوقاتهم يقلّصون ساعات النوم على طريقة «ومَن طلب العُلى سهر اللّيالي» ويكتفون بالحدِّ الأدنى منها ، نرى بعض الشبّان والشابّات يستسلمون للنوم الطـويل غير عابئين بما يتصرّم من أعمارهم في هذا السبات ، حتّى أنّ ساعات نومهم تفوق ساعات عملهم وانتاجهم .

إنّ السهر إذا لم يكن لشيء ينفع الانسـان وينفع مَن حوله من الناس ، وإذا لم يكن في عبادة ، ولا في طلب علم ، ولم يكن لعمل منتج لا يتحمّل التأخير إلى الغد ، قد يصبح وبالاً على الشابّ أو الشابّة . فتكون أضراره أكثر من فوائده .

وإنّ قاعـدة التوازن ـ التي مرّ ذكرها ـ صالحة للتطبيق على أيّ شأن من شؤون الحياة ، فالاسلام دين اللاّ إفراط واللاّ تفريط ، أي أ نّه لا يقرّ الاسراف في الشيء ولا يقرّ التقصير فيه : (وكذلكَ جَعلناكُم اُمّة وَسَطاً ) ( البقرة / 143 ) .



قبل الختام :

هذه هي كأس أعمارنا بين أيدينا .. أمانة الله في أعناقنا .. كيف سنسترجعها ؟

مملوءة بالخـير ؟ مملوءة بالشرّ ؟ خاوية خاليـة فارغة ؟ مكسّرة مهشّـمة على أرصفة اللّهو والعبث والاسـترخاء والثرثـرة ومجالس البطالة ؟

أم نعمل بما قال به بعض العظماء الذين هم أكثر الناس استفادة من أوقاتهم : نريد أن نترك بصماتنا على الزمن ولا ندع الزمن يترك بصماته علينا .

وقد عبّر أحدهم عن ذلك بقوله : «حسرة العظماء تذكّرنا أن نسمو بحـياتنا ، وأ نّنا عندما نغادر هذه الدّنيا نترك وراءنا آثار خطانا على رمال الزمن» .

(19)

وإليكم هذه الباقة من الأمثال التي تعيننا في الوصول إلى ذلك :

ـ «إذا نمتَ على الورد في شـبابك ، فسوف تنام على الشوك في شيخوختك» .

ـ «شباب كسول ، شيخوخة متسوّلة» .

ـ «جميع أزهار المستقبل هي في البذور التي تزرعها اليوم» .

ـ «لا تخشى التقدّم البطيء ، لكن احذر أن تقف جامداً» .

ـ «الدّنيا مزرعة الآخرة» .

ـ «حظ الخامل يتراخى معه» .

ـ «الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك» .

ـ «النهار والليل يعملان فيكم فاعملوا فيهما» .

ـ «البطالة اُمّ الرذائل» .

ـ «إضاعة الفرصة غصّة» .

ـ «الدّنيا دار ممرّ والآخرة دار مقرّ ، فاتّخذوا من ممرِّكم لمقرِّكم»
.



كيف نسـتثمر أوقات الفـراغ   ؟ User.aspx?id=694790&f=ta7iya_1

flower flower flower flower flower flower
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كيف نسـتثمر أوقات الفـراغ ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
متوسطة الشهيد الارقط الكيلاني :: متفرقات :: متفرقات-
انتقل الى: